الخليفة المعتصم بالله بن هارون الرشيد. وطلب ولده إليه إلى العراق من مصر. وولي الحرب بها رجل من خراسان يقال له دلور ثم المظفّر بن كيدر.
وضمّان الخراج بحالهما. وكذلك القاضي هارون. (١٧٧)
وكان المعتصم أمّيا دون سائر الخلفاء. وسبب ذلك ما رواه المسعودي رحمه الله أنّ الرشيد كان يحبّه فسمعه يوما وقد خرجت جنازة بعض خدم القصر وهو يقول: وددت-والله-لو كنت مثل هذا الميّت واستريح من كدّ التعليم! فقال الرشيد: والله لا حملت على ولدي شيئا يتمنّى من أجله الموت! ووجدت في مسوداتي أنه قرأ بين يديه بعض كتّابه يسمّى أحمد بن إسماعيل كتابا ورد على المعتصم من بعض الأعمال يقول فيه: وأمطرنا حتّى كثر لدينا الكلأ؛ فقال المعتصم: يا أحمد! وما الكلأ؟ قال: لا علم لي! فقال المعتصم: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله! خليفة أمّي وكاتب عامّي! ضاع الناس بيننا! أنظروا من بالباب! فلم يكن غير محمد بن عبد الملك الزّيات، وكان يخدم يومئذ في مطبخ الآدر؛ فلمّا مثل بين يديه قال له المعتصم: من تكون يا شاب؟ فقال: شبيب دولتك، وربيب نعمتك محمد بن عبد الملك! فقال: يا محمد! ما الكلأ؟ فقال: ما يبس من حشيش الأرض ونباتها يا أمير المؤمنين. ثم قصّ عليه النبات من ابتدائه إلى كهولته إلى يبسه وما قالت فيه العرب منظوما ومنثورا، وطرّز ذلك بذكر الديار والأطلال والدمن ووقائع العرب وأيامها المشهورة بأفصح لسان وأحسن بيان.