للأستاذ الدكتور رومر مساعدته المستمرة لي في كل ما طرأ من مصاعب وعقبات، بحيث أمكن لي أن أنجز هذا العمل على خير وجه ممكن.
I
الجزء الخامس من «كنز الدرر وجامع الغرر»
الذي يتضمّن تاريخ الدولة العبّاسيّة
١ - مضامين الجزء الخامس: عندما خطرت لابن الدواداري فكرة تأليف كتاب في التاريخ؛ كان قد بلغ مرحلة الكهولة لأنه يقول إنّ البياض انتشر في رأسه. وكان منذ سن الفتوة محبا للشعر، والأخبار الأدبية، ومسائل السمر؛ ولذا لم يتردد منذ فتوته في الاتجاه لدراسة الأدب. لقد أراد أن يبلغ المجد-ليس في ساحة المعركة كأقرانه من المماليك-بل عن طريق العلم، وإحياء الآداب والكتب المندثرة. وهكذا بدأ بالكتابة بتشجيع من حلقة من الأصدقاء والرفاق كانوا يجتمعون للحديث والمطارحات الشعرية والأسمار.
كتب ابن الدواداري في «الهزليات» -وهو أمر ندم عليه في شيخوخته -كما جمع مختارات شعرية، وكتبا في الأسمار والأخبار والآداب والمواعظ. وهو يذكر أعماله في أجزاء مختلفة من «كنز الدرر» ملخّصا مضامينها أحيانا، أو مكتفيا بالإشارة إليها أحيانا أخرى. والكتب الكثيرة التي يذكرها لنفسه ضاعت ولا أثر لها حتى اليوم. وحده السيوطي ينقل عن مؤلّف له أشعارا في فصول السنة، وأخرى في الأزهار والورود.
وكان غرامه بالأدب باعثا له طوال عمره على زيارة المكتبات والورّاقين واقتناء الكتاب النادرة أو استنساخها. وقد اجتمعت عنده في النهاية مكتبة خاصة ضخمة استحسن من أجلها إيراد النادرة المنسوبة لوزير البويهيين المشهور