الماء من جميع الآبار، ونشفت الأعين، وماتت الوحوش في الفلوات عطشا.
وفيها هبّت ريح شديدة من عشاء المغرب إلى نصف الليل. وكان في اليوم الثاني وقت الزوال ظلمة عظيمة جدا. وهاجت الريح جدا أعظم من الليل وعادت تطرح رملا أحمر، وكان الناس يرون في أربع أقطار السماء أعمدة نار فلم يزل كذلك إلى وقت الصبح ثم خمدت الريح وسكنت، وصارت السماء حمرة شديدة الحمرة حتى عاد الناس ينظرون الأرض ولباسهم جميعه أصفر من بعد حمرة. ولم تظهر الشمس يوما وليلة مع نصف يوم آخر. فسبحان مدبّر الوجود الحي الموجود.
ذكر سنة أربع وثمانين ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وخمسة عشر إصبعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعا وتسعة عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المعتضد بالله أمير المؤمنين. وهارون بن خمارويه بمصر مستقلا. وولي القضاء بها أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي.
وفيها كانت وقعة بين بكر بن أبي دلف وبين النوشريّ انهزم فيها بكر وقتل أكثر عسكره وأفلت في نفر يسير، ولم يزل يجول في البلاد إلى أن توفي في سنة خمس وثمانين.