للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(٤٢) ذكر وقعه عين جالوت وكسره التتار]

وكان قبل دلك فى هده السنه قد وصل الامير ركن الدين بيبرس البندقدارى، لما فارق خدمه الملك الناصر وحضر الى خدمه الملك المظفر وكان فى طريقه قد نزل بغزه، وصاهر الشهرزوريه وتزوج منهم. وبعث طيبرس الوزيرى الى عند الملك المظفر ليحلفه. فاجابه لدلك وحلف له، فطاب خاطره، ودخل القاهره يوم السبت ثانى عشرين ربيع الاول. وركب السلطان الملك المظفر والتقاه من مسجد التبن، وانزله دار الوزاره، ورتب له راتبا عظيما، واقطعه قليوب بكمالها. وهو الدى صغر امر التتار عنده، وقوى قلوب الاسلام على ملتقاهم، وتكفل له النصر من الله تعالى.

وكان خروج السلطان الملك المظفر بالعساكر من الديار المصريه لملتقا (٩) التتار يوم الاثنين خامس عشر شعبان. وكان قد جهز هلاوون جيوش المغل تقدمهم كتبغا نوين، ونزل حمص. فلما بلغه ان السلطان المظفر نزل مرج عكا ركب من حمص، وتوجه الى ان وصل الغور. وبعث المظفر الامير ركن الدين بيبرس البندقدارى شاليشا فى عده من فرسان الحرب المعودين للطعن والضرب. فلما وقعت عينه عليهم سيّر عرّف السلطان. ثم انه انتهز الفرصه فى مناوشتهم الحرب، ليكون له اليد البيضا عند الله تعالى وعند الاسلام، وليصغر امرهم فى اعين الجيوش القادمه عليهم. وعاد يقابلهم (١٥) ويستدرجهم، ويكر عليهم ويتقدم امامهم، الى ان وصلوا عين جالوت. فلما كان يوم الجمعه الخامس والعشرين من رمضان المعظّم التقا (١٧) الجمعان، وعمل السيف والسنان بالضرب (٤٣) والطعان. وتبث (١٨) الشجاع وفرّ الجبان، وكانت دايره السوء على الكفار من عبدة الاوثان، ونصر الله حملة القرآن. وانهزمت التتار الكفار، وعمل فى


(٩) لملتقا: لملتقى
(١٥) يقابلهم: فى الأصل «يقالبهم»
(١٧) التقا: التقى
(١٨) وتبث: وثبت