ثمّ إنّ الوليد نفّذ إليه جيشا كبيرا، فلم يقدروا عليه بحيلة ولا بكثرة لتحصّنه في (١٢٩) تلك المدينة. ثمّ نفّذ إليه يقول: متى لم تحضر وظفرت بك قطعت من لحمك وأطعمتك. فورد جوابه يقول: ما على الملك منّي مؤنة وأنا عبد من عبيد الملك، وأنا في هذا المكان أردّ من يرد عليه من الأعداء من جهة الغرب، ولا أقدر على المسير إليه خوفا من سطوته ولسوء اعتمادي في غيبته. فليقرّ بي في هذا المكان كأحد عمّاله وأوجّه إليه ما يلزمني من خراج أرضيّ التي أستنبطها. ووجّه إليه بأموالا كثيرة وجواهر نفيسة وترفّق له، فكفّ عنه.
واستقرّ الوليد بمصر واستعبد أهلها وأباح حرمتهم وأولادهم وأموالهم مائة وعشرين سنة. وكان ابنه نهراوس، وهو الريّان صاحب يوسف، عليه السلام، ينكر عليه فعله. فاتّفق مع أهل المملكة فسمّوه في طعامه فهلك.
ولمّا مات عمل له ناؤوسا بقرب الأهرام ودفن به كعادة الملوك الأول.
وقيل: بل دفن في هرم النّواويس، والله أعلم.
<ذكر نهراوس>
ثمّ ملك ابنه نهراوس. وهذا نهراوس هو الريّان بن الوليد بن دومغ، وهو فرعون يوسف، عليه السلام. فجلس على سرير الملك، وكان عظيم الخلق جميل الوجه، عاقلا متمكّنا. فتكلّم ومنّا الناس وضمن لهم الإحسان وأسقط عنهم الخراج مدّة ثلاث سنين. فحبّوه الناس