قال العبد الفقير، المعترف بالتقصير، واللسان القصير، مؤلف هذا التاريخ وجامعه، غفر الله له ولوالديه ولقارئه وسامعه: حدثنى الجناب العالى المرحوم ناصر الدين محمد الملقب بالملك الكامل، من ولد الملك الصالح إسماعيل المعروف بأبى الجيش، صاحب الشام، رحمه الله تعالى، وسائر ملوك المسلمين، مع كافة أمة محمد أجمعين. وكان الحديث فى سنة عشرة وسبع مائة بمدينة دمشق المحروسة، والملك الكامل المذكور يومئذ بها أمير مائة فارس مقدم ألف. وكان حصل بينى وبينه من الصحبة ما كان يطلعنى على كثير من أسراره. وكان الملك الكامل المذكور ملك النفس والكرم والسماحة، فاضل، راو من كل فن حسن. وكان مع ذلك كثير المزح والخلاعة، طيب المحاضرة، لذيذ المفاكهة، لا يمل حديثه. لم يزل يروى المضاحكات والنوادر الحسنة، كثير التنديب على نفسه وعلى أقاربه من أولاد الملوك من بنى أيوب، حيّهم وميّتهم. وسيأتى طرف من ذكره وخلاعته وحكاياته فى تاريخه، إن شاء الله تعالى.
سألت منه-رحمه الله-ذات يوم عن جدهم أيوب، ابن من؟. فقال: أيوب بن شاذى ابن مروان، أكراد من جبل نهاوند. قال: وكان مروان فى جيش السلجوقية، وكان مشهورا بينهم بقوة وشجاعة، حتى قيل إنه كان يركض الفرس ويدعه فى قوة جريه، فيطبق عليه وركيه مع ساقيه، فيقف الجواد من ساعته، ولا يعود يتنفس.
وكان يمسك ذنب الفرس ويقول للراكب:«حرّك فرسك» فلا ينقل خطوة.
وكان يركب ولده شاذى أعفى فرس عنده، ويأمره أن يحرّك عليه، ويعارضه فى