وأمّا أصحاب الرّسّ اختلف فيهم. قال ابن عبّاس: هي قرية من قرى ثمود. وفي كلام قتادة ما يدلّ على أنّ أصحاب الرسّ هم أهل مدن أصحاب شعيب. وقال عكرمة: هم قوم قتلوا نبيّهم ورسّوه ببئر، أي دسّوه فيها من الرّسّ، والرّسّ عند العرب هي البئر التي لم تطيّن أو لم تطبّق.
وقال الطّبريّ: لا نعرف قوم كانت لهم قصّة بسبب حفيرة إلاّ أصحاب الأخدود، وقد اختلف (١٧٣) فيهم.
<ذكر أصحاب الأخدود>
وقال الرّبيع عن أنس: إنّ أصحاب الأخدود هم قوم اعتزلوا عن الناس في الفترة، وأنّ جبّارا من عبدة الأوثان أرسل إليهم وعرض عليهم الدخول في دينه وخيّرهم بين ذلك وبين إلقائهم في النار؛ فاختاروا الإلقاء في النار. فنجّى الله تعالى المؤمنين من الحريق بأن قبض أرواحهم قبل أن تمسّهم النار، وخرجت النار على شفير الأخدود فأحرقت الكفّار، وذلك قوله تعالى:{فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ}. وقال الطبريّ:
صاحب الأخدود ذو نواس، ملك اليمن، كان على دين اليهود. وقدم اليمن رجل كان على دين المسيح، فأعلن بذلك وكثر أتباعه. فجعل ذو نواس الملك يطلب من يقول بهذا الدين ويخدّ له في الأرض ويحرقهم حتّى أتى عليهم. فأنفذ الله النّجاشيّ بجيش عظيم فانهزم هو وأصحابه