للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سنة خمس وثمانين وخمسمائة

النيل المبارك فى هذه السنة

الماء القديم خمسة أذرع وخمسة عشر أصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا واثنان وعشرون أصبعا.

[ما لخص من الحوادث]

الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين. والسلطان صلاح الدين سلطان الإسلام بالديار المصرية وما معها.

وفيها خطب لولى العهد-عدة الدنيا والدين-أبى نصر محمد بن الإمام الناصر لدين الله، بأمر والده، فخطب له فى سائر الممالك الإسلامية.

وفيها كانت الوقعة العظمى مع الفرنج، وأخذت عكا، وقتل من كان بها فى سبيل الله تعالى. وهذه الوقعة التى لم يعهد بمثلها فى جاهلية ولاإسلام.

[ذكر الوقعة الكبرى على عكا]

وذلك أن السلطان صلاح الدين، لما فتح هذه الفتوحات العظام، وأذل الكفرة اللئام، وطهّر القدس من الأرجاس والآثام، وفتح عكا وهى كرسى مملكة الملاعين، وأخلاها من كل كافر لعين، أمر بتجديد سورها، وبناء ما تشعث من ديورها، وعمارة قصورها ودورها. وأمر الملك المظفر أن ينظف الساحل من جميع الفرنج، ففعل ذلك، ولم يبق فى الساحل حصن ولا معقل إلا وقد علاه الأذان، وسكنته حملة القرآن، وخلا من عبدة الصلبان. فعند ذلك تكاتبت ملوك الفرنج فيما بينهم، لما قد جرى على الكفر وأهله، والصليب وذله، فانتخوا لدينهم، وأجمعوا ذات بينهم، على اجتماع كلمتهم، والقيام فى نصرة ملتهم، فاجتمعوا برّا وبحرا، وسهلا ووعرا، واستصحبوا القساوسة والرهبان، والبطرك الكبير والديان، بعد ما طاف جميع