للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر نصرة الإسلام على التتار الليام]

لمّا كان العشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة برزت المراسم الشريفة السلطانيّة الناصريّة أعلاها الله تعالى، بتجهيز عشرة آلاف فارس من أعيان الناس بالجيوش المنصورة، يقدمهم الأمير حسام الدين أستادار والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، ويتوجّهون لحفظ الشأم المحروس، وذلك لمّا صحّت الأخبار بقصد التتار إليه، لتطمئنّ قلوب أهله. فتقدّمت هذه التجريدة فى ذلك التأريخ

ثمّ وردت الأخبار أنّ التتار عدّوا الفراة البعض منهم، وغاروا على أطراف البلاد. فعند ذلك برز الدهليز المنصور السلطانىّ، وكان توجّه الركاب الشريف من الديار المصريّة العشرين من شهر رجب الفرد من هذه السنة، والسعد قدّامه، والنصر أمامه، والتوفيق رفيقه، والرفيق الأعلى قد سهّل طريقه، والملايكة قد حفّت أعلامه وصناجقه. وقد توكّل على الله خالقه، وروايح النصر قد عطّرت بشذاها الآفاق، ولوايح القهر قد ظهرت بقدرة العزيز الخلاّق، فنزل بالدهليز المنصور، وقد أحاط به الظفر بأعداه إحاطة كإحاطة السور. وليس فى الجيش إلاّ من هو فى إلفه وحلفه {لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} (١٧) فاستقرّ أيّده الله بالملايكة المقرّبين، وبكتابه المبين، إلى الخامس من شعبان المكرّم، فركب طالبا للعدوّ المخذول. وقد جعل


(١٧) السورة ١٣ الآية ١١