جمع العساكر، وخرج بنية الغزاة وحمى بلاد الإسلام. وقصد الشام، وبث العساكر من الداروم إلى الرملة. ولما بلغ الفرنج ذلك قصدوه بخيلهم ورجلهم. ولم تكن العساكر تكملت بعد عند السلطان. وكان حذورا، فرحل من مرج الصفار، وطلب دمشق، وجعلها ظهره. فعند ذلك غارت الفرنج على البلاد الإسلامية، وأخذوا من بيسان وأعمالها خلقا كثيرا، وسفكوا وقتلوا ونهبوا وأحرقوا.
ووصلت غاراتهم إلى جينين. ثم أقاموا على بانياس ثلاثة أيام، ثم رجعوا بالأموال والغنائم والأسرى إلى عكا. ثم عادوا إلى صيدا والشقيف، ثم رجعوا إلى عكا.
ولم يزالوا كذلك إلى النصف من رمضان المعظم. ثم إن السلطان عيّد بدمشق عيد الفطر، وخرج طالبا للعدو، وحلف لا بد له منهم. فبينما هو راكب إذ رأى شيخا كبيرا، وعلى رأسه حملة كبيرة ثقيلة، وهو يعدو بها، فقال له السلطان:«لا تعجل يا شيخ، وتمهّل على نفسك»، فالتفت إليه الشيخ وقال:«ما تستحى من الله يا سلطان الإسلام، إنك قد أسلمتنا لعدونا، وتقول على مهلك». فكانت هذه الكلمة أشد ما يكون عليه وخنقته العبرة. ثم أمر ولده الملك المعظم عيسى أن يأخذ العساكر ويسير إلى الفرنج، ويردهم عن البيت المقدس. ومضت سنة أربعة عشر وستمائة والحروب بينهما سجال.
[ذكر أولاد الشيخ وأصلهم]
قال ابن واصل: فى هذه السنة-أعنى سنة أربع عشرة وستمائة-عاد الشيخ صدر الدين بن حمويه من بغداد، وكان قد توجه إليها رسولا من الملك العادل إلى الديوان العزيز. قال: وكان صدر الدين هذا جليلا معظما عند الملك العادل. وكان أبوه الشيخ عماد الدين قدم إلى الشام فى الأيام النورية، ففوّض إليه السلطان الشهيد