ألخير أبقى وإن طال الزّمان به ... والشّرّ أخبث ما أوعيت من زاد
قلت: وهذا الشاعر دخل عليه في هذه الأبيات الإيطاء، فإنّه قد تكرّر قوله: زاد، في موضعين من شعره، وهو من فحول الشعراء.
[ذكر لبيد بن ربيعة وطرف من أخباره]
هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب، ويكنى أبا عقيل، أحد شعراء الجاهليّة المعدودين فيهم، وأدرك الإسلام، فهو من (٣٣١) طبقة المخضرمين. فإنّه أسلم، وقدم على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهاجر، وحسن إسلامه، وعاش مائة وخمسين سنة، ونزل الكوفة على زمن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، فأقام بها إلى أن مات، رحمة الله عليه.
وروى الأصمعيّ، قال: وفد عامر بن مالك، عمّ لبيد بن ربيعة، في رهط من بني جعفر بن كلاب، ومعهم لبيد، وهو يوم ذاك صبيّ، على النّعمان بن المنذر، فوجدوا عنده الرّبيع بن زياد العبسيّ، وكان نديما للنّعمان، وكان بينه وبين الجعفريّين وقفة وهناة. فلمّا دخل الجعفريّون على النّعمان، أقبل عليهم، وأمضى حوائجهم، وخرجوا من عنده مسرورون بفعله. فخلا به الرّبيع وذمّهم عنده ووقع فيهم، فتغيّر النّعمان لذلك. ثمّ دخلوا عليه يوما آخر فرأوا منه جفاء. فخرجوا من عنده غضابا، ولبيد متخلّف في رحالهم يحرس متاعهم ويرعى إبله لطفوليّته وصباه.