للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فنظر في وجوه جلسائه، ثمّ أشار إلى رجل يقال له: شريك (٣٣٠) بن عمرو. فقال: هذا يكفيني. فوثب شريك وقال: أبيت اللّعن! دمي بدمه إلى أن يعود. قال: فأطلقه النّعمان ومضى في شأنه.

فلمّا كان في قابل جلس النّعمان في مجلسه حنظلة، فأبطأ عليه وتقوّض النهار، فأمر النّعمان بشريك، فتقدّم للقتل، فلمّا همّ بذبحه، وإذا براكب قد طلع، فتأمّلوه القوم، فإذا هو حنظلة قد أقبل متكفّنا متحنّطا، ومعه نادبة تندبه، وقد قامت نادبة شريك تندبه، فلمّا رآه النّعمان على تلك الحالة عجب من حسن وفائهما وكرمهما، وأطلقهما جميعا، وقال: لا كنتما أكثر وفاء ولا كرما منّي! وأنعم عليهما إنعاما ظاهرا، وأبطل تلك السّنّة منذ ذلك اليوم.

ومن جيّد شعر عبيد بن الأبرص قوله (من البسيط):

طاف الخيال علينا ليلة الوادي ... من أمّ عمرو ولم يلمم بميعاد

إنّي اهتديت لركب طال حبسهم ... في سبسب بين دكداك وأعقاد

إذهب إليك فإنّي من بني أسد ... أهل القيان وأهل الجود والنّادي

لا أعرفنّك قبل الموت تندبني ... وفي حياتي ما زوّدتني زاد

فانظر إلى ظلّ ملك أنت تاركه ... هل ينفعنّك يوما نغمة الحادي