وفى هذه السّنة قام بأمر ملك فارس يزدجرد بن كسرى أبرويز، فأمرهم بالتّحمّل من المدائن، ثم شخص بالجنود حتى نزل حلوان، واستعمل عليهم أخا رستم صاحب القادسيّة.
[ذكر وقعة جلولا بين الفرس والمسلمين]
ولمّا ظهر المسلمون على الأعاجم، وقام فيهم يزدجرد كاتب أهل الرىّ وهمدان وقومس وإصبهان ونهاوند، وتراسلوا وتعاقدوا على أن يغزوا عمر ابن الخطّاب فى بلاده، وأن يسيروا مع ملكهم يزدجرد إلى سائر أرض المسلمين، وكتب سعد بن أبى وقّاص بذلك إلى عمر رضى الله عنه، فاشتدّ ذلك على عمر، فصعد المنبر وصرخ: يا أهل الإسلام، يا أبناء المسلمين، أين المهاجرون؟ أين الأنصار؟ فاجتمع الناس إليه يهرعون، فقال: إنّ سعدا كتب إلىّ أن الشّيطان قد جمع جموعا ليطفئ نور الله، وهم أهل همدان والرّى وقومس وإصبهان ونهاوند وغيرهم أمم مختلفة ألسنتها وأهوائها وأديانها وممالكها، وإنّهم تعاقدوا أن يخرجوكم من بلادكم، ويخرجوا إخوانكم من بلادهم، فأشيروا علىّ وأوجزوا ولا تطنبوا، فإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام!
فقام طلحة رضى الله عنه فقال، بعد حمد الله تعالى والصلاة على نبيّه صلّى الله عليه وسلم:
أمّا بعد، فقد حنّكتك الأمور، وجرّبتك الدّهور، وعجنتك البلايا، وأحكمتك (١) التّجارب، فأنت ولىّ ما وليت، لا ننبو فى يديك، ولا نكلّ (٢) عليك، بل نقبلها منك، ونأخذها عنك، فادعنا نجبك، وقدنا نتبعك، واحملنا نركب،