فإنّك مبارك الأمر، لم ينكشف عن شئ من عواقب قضاء الله (١٥٣) لك إلاّ عن توفيق.
فقال عمر رضى الله عنه: تكلّموا أيّها الناس، فقام عثمان رضى الله عنه فقال بعد حمد الله والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وسلم: أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنّى أرى [أن] تكتب لأهل الشام فيسيروا من شامهم، وإلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، وتسير أنت بجيش من أهل الحرمين إلى أهل الكوفة، فيلتقى جموع المسلمين بجموع المشركين، فإنّك إن فعلت ذلك لم يبق أحد من العرب يتخلّف عنك، ثم جلس.
فقال عمر رضى الله عنه: تكلّموا أيّها النّاس! فقال علىّ كرّم الله وجهه:
أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنّ الله لم يزل يعرفك ويعرف المسلمين، البركة فى رأيك واليمن، وإنّك إن شخصت بأهل الشام من شامهم لم تأمن مسير الروم إلى ذراريهم برّا وبحرا، وإن شخصت بأهل اليمن من يمنهم لا تأمن مسير الحبشة، وإن شخصت بأهل الحجاز لم تأمن من انتقاض سفهاء العرب وجهّالهم، حتّى تكون ما تدع من العورة خلفك أهمّ إليك ممّا بين يديك، أمّا كثرة العدوّ فإنّا لم نكن نقاتلهم بالكثرة، ولكن بحول الله وقوّته، وإن أنت سرت ونظرت إليك الأعاجم قالوا: هذا ملك العرب لم يبق خلفه أحد، فكان ذلك أشدّ لطلبهم وحربهم، ولكن اكتب إلى أهل البصرة، فليتفرّقوا ثلاث فرق: فرقة تقيم فى ذراريهم حرسا لهم، وفرقة تقيم على أهل عهدهم، وفرقة تسير إلى إخوانهم من المسلمين مددا لهم، واكتب إلى أهل الكوفة بمثل ذلك.
فاستصوب عمر ذلك، ثم كتب إلى المسلمين: إنّى استعملت عليكم النعمان