ابن مقرن، فإن قتل فحذيفة، فإن قتل فجرير بن عبد الله، فإن قتل فالمغيرة ابن شعبة، فإن قتل فالضحاك بن قيس الكندى، وأنفذ (١) الكتاب مع السائب ابن الأقرع (١٥٤) الثقفى، وولاّه قسمة الغنائم، وقال: يا سائب، إن هلك الجيش فاذهب فى بسيط الأرض ولا أنظرنّ إليك بواحدة من عينىّ أبدا، فإنّى متى رأيتك جدّدت لى حزنا.
وسار المسلمون حتى نزلوا بعقر نهاوند وكانوا سبعة آلاف، وتزاحف الفريقان، واقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، وبات المسلمون يعصبون جراحاتهم، وبات المشركون فى خمورهم ولذّتهم ومزاميرهم، فلمّا أصبح النعمان عبّى كتائبه، وسار يقف على كلّ راية يحضّها على القتال، فبكى المسلمون وقالوا: أيّها الأمير مرنا بأمرك، فقال: انتظر بهم زوال الشمس ومهبّ الرياح، وأن تفتح السماء لمواقيت الصلاة وينزل النصر، فإنّى رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
ثم إنّ الله تعالى أيّد المسلمين بنصره، وانهزم جيش الفرس وكفره، واستشهد النعمان رحمة الله عليه، وجمعت الغنائم إلى السائب بن الأقرع، فأتى رجل فقال:
أتؤمّننّى على أهلى ودمى ومالى وأدلّك على كنز فى غيبة، فيكون لأمير المؤمنين خاصّة، فأمّنه فأتى بهم إلى صخرة فاقتلعوها، فاستخرجوا سفطين فيهما تيجان مكلّلة بالياقوت الأحمر، قد نسج بعضها إلى بعض، فرأى السائب ما لم يره قطّ.
وقسمت الغنائم سهمين سوى السفطين، فأصاب سهم كل واحد ثلاثين ألفا، وقدم السائب بالسفطين على عمر، وبشّره بالفتح، فقال عمر: ما فعل النعمان؟