قال: أكرمه الله بالشهادة، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ويحك أبدار مضيعة أصيب؟ قال: لا، وأقبل السائب يحدثه بالفتح، وعمر إنّما يسأله عن الناس، فقال: هل أصيب من المسلمين غيره، فقال: أمّا من نعرف فلا، فانتحب عمر وقال: الضعفاء الضعفاء، فترحّم عليهم، ودعا لهم ثم قال: وما عليهم ألاّ يعرفهم عمر، قد عرفهم الله الذى (١٥٥) أكرمهم بالشهادة، ثم قال عمر: هل أعطيت كل ذى حقّ حقّه؟ قال: نعم.
ثم أخرج السفطين فأخبره خبرهما، قال: من جعلنى أحقّ بهما؟ فأرسل إلى علىّ وعبد الله بن أرقم وابن مسعود، فأمرهم أن يختموا عليهما، فلمّا أصبح أرسل إلى السائب فأتاه فقال: ويلك تنازعنى دينى؟ إنّما دعوتنى إلى النار، فقال السائب: مالى ولك يا أمير المؤمنين، أقلقت فؤادى، قال: أخبرنى عن السفطين، فقال: والله لا كتمتك حرفا، فأخبره. فقال: يا سائب، لمّا أخذت مضجعى جاءتنى ملائكة من ربّى، فملأوا سفطيك نارا، وجعلوا يدفعونهما فى مجرى، وأنا أعاهد الله لأردنّهما على من أفاءهما الله سبحانه عليه، فقدم بهما العراق، فاشتراهما عمرو بن حريث بعطاء المقاتلة والذرية، فباع أحدهما بذلك وربح الثانى (١) وكان أوّل قرشى اعتقر بالكوفة دارا، فتفرّق العجم بعد ذلك فما اجتمعوا.
وفيها أصاب الناس القحط والمجاعة، حتى استسقى عمر بالعبّاس رضى الله عنه، فسقوا، وقيل بل كان ذلك فى سنة ثمانى عشرة، والله أعلم.