وعن محمد بن يزيد المبرّد قال، حدّثني بعض حاشية السلطان (٩٨) قال، غنّى إبراهيم الموصلي بحضرة الرشيد يوما (من البسيط):
يا ربع سلمى لقد هيّجت لي طربا ... زدت الفؤاد على علاّته وصبا
فأعجب به الرشيد وطرب واستعاده مرارا! فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين! لو سمعته من عبدك مخارق فإنه أخذه عنّي وهو يفضل الخلق جميعا فيه، ويفضلني أيضا، فأمر بإحضاره فأحضر فغنّى:
*يا ربع سلمى لقد هيّجت لي طربا*
فبكى الرشيد وقال: سل حاجتك! فقال مخارق: تعتقني يا أمير المؤمنين وتشرّفني بولائك أعتقك الله من النار! قال: أنت حرّ لوجه الله، أعد الصوت! فأعاده ثانيا فبكى الرشيد وقال: سل حاجتك! فقال: ضيعة تقيمني غلّتها يا مولاي! قال لك ذلك، أعد الصوت! فأعاده فبكى وقال: حاجتك سلها! قال:
منزل بفراشه وما يصلحه وخادم! قال: لك ذلك، أعد الصوت! فأعاده فبكى وقال: سل حاجتك! فقال: حاجتي أن يطيل الله بقاءك يا أمير المؤمنين، ويديم عزّك، ويجعلني من كلّ سوء فداك. قال: وكان مخارق إذا غنّى هذا الصوت يقول أنا عتيق هذا.
ذكر سنة ثمان وسبعين ومائة
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم ثلاثة أذرع فقط. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.