للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سنة سبع وستين وخمسمائة

النيل المبارك فى هذه السنة

الماء القديم خمسة أذرع وسبعة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وعشرون أصبعا.

[ما لخص من الحوادث]

الخليفة المستضئ بنور الله أمير المؤمنين. وبنو سلجوق قد اختل نظامهم ببغداد، وعاد أمر الخلافة على ما كان عليه.

وفيها توفى العاضد صاحب القصر، واختلف فى سبب وفاته اختلاف كثير؛ فمنهم من ذكر أنه مات حتف أنفه، ومنهم من ذكر أن السلطان صلاح الدين ضيّق عليه حتى سم نفسه فمات. ورأيت فى مسوداتى أن العاضد كانت عنده جلية السلطان صلاح، وأنه سبب زوال ملكهم. وكان عادة صلاح الدين أنه يأتى كل يوم إلى باب القصر، ويقبل العتبة، ويستأذن الزمام، فيأذن له. فقال العاضد للزمام: «إذا رأيته قد حضر ولم يقبل العتبة وجاز بغير إذن فعرفنى سرعة». فلما خلع صلاح الدين العاضد أتى ذلك اليوم ولم يقبل العتبة، وجاز بغير استئذان، فدخل الزمام وعرف العاضد ذلك. وكان فى يده خاتم بفص فامتصه، فغاصت نفسه، والله أعلم.

وكان السلطان صلاح الدين-لما خلعه بمقتضى الفتاوى الشرعية المقدم ذكرها- خطب لبنى العباس فى أول جمعة من هذه السنة، بمصر. وفى الجمعة الثانية فى القاهرة وسائر الأعمال المصرية. ثم نفذ بذلك إلى سائر البلاد الشامية، والخليفة يومئذ المستضئ بنور الله. وفيها خطب أيضا لنور الدين محمود صاحب دمشق.

واستولى السلطان صلاح الدين على جميع ما فى القصر من الذخائر والأموال، وحمل لنور الدين صاحب الشام حملا من أموال القصر وذخائره وجواهره وتحفه، فكان ذلك بجملة كبيرة. وفى جملة الهدية الحمارة العتّابيّة والفيل والزرافة.