الإشراف على علوم الفلسفة، ووقف العلماء في وقته على كتاب المجسطي وفهموا صورة آلات الرصد الموصوفة فيه فبعثه شرفه وحداه ميله على أن جمع علماء عصره من أقطار مملكته وأمرهم أن يضعوا مثل تلك الآلات، وأن يقيسوا بها الكواكب ويتعرّفوا منها أحوالها كما صنعه بطلميوس ومن كان قبله؛ ففعلوا ذلك كما يأتي تتمة الكلام في تاريخ ما فعلوه إن شاء الله تعالى. ثم لم يشتغل أحد بعد المأمون والمنصور بهذه العلوم غير المعتضد حسبما يأتي من ذكر ذلك في أيامه. فلذلك يقال إنّ لبني العبّاس فاتحة وواسطة وغالقة كون أنّ هؤلاء الثلاثة خلفاء طمحت بهم أنفسهم الشريفة إلى درك العلوم الشريفة فدلّ ذلك على علوّ هممهم وسموّ مقاصدهم.
ذكر سنة تسع وتسعين ومائة
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وإحدى عشر إصبعا.
وعمّال مصر على ما تقدّم من ذكرهم في السنة التي قبلها. وكذلك القاضي.
ومن نبذ أخبار المأمون ما رواه محمد بن ظفر في كتابه المعروف بدرر نجباء الأبناء قال؛ روي أنّ الكسائي-وهو عليّ بن حمزة-وكان مؤدّبا لولد الرشيد، وكان لا يفتح عليهم إذا غلطوا في العرض عليه إنما كان ينكّس طرفه فإذا غلط أحدهم نظر إليه وربّما ضرب الأرض بخيزرانة في يده. فإذا سدّد القارئ للصواب مضى وإلاّ نظر في المصحف. فافتتح المأمون عليه السورة المذكور فيها الصفّ (١٤٦) فلمّا قرأ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} نظر إليه الكسائي وتأمّل المأمون فإذا هو مصيب! فمضى في قراءته.