للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بغراس ومبدا امرها]

كانت من احسن القلاع واحصنها، واشدها نكايه لبلاد الاسلام. وكان قد نزل عليها العسكر الحلبى فى زمان الملك العزيز ابن (٣) الملك الظاهر بن السلطان صلاح الدين ابن ايوب، فلم ينالوا منها طايلا. واقام محاصرا لها (١٢٤) سبعه اشهر، ورحل عنها خايبا.

وقال البلادرى: كانت بغراس لمسلمه بن عبد الملك بن مروان، اوقفها (٦) فى سبيل البر. ولما قصد المسلمون غزاة عمّوريه صحبة مسلمه بن عبد الملك، وكان صحبتهم نسايهم (٧) لاجل الجد فى القتال على الحريم، فلما صار فى عقبه بغراس، عند طريق (٨) التى تشرف على الوادى، سقط جملا (٩) وفيه امراه. فامر مسلمه النساء ان يمشون بالعقبه، فسميت عقبه النسا. وكان المعتصم بنا (١٠) على تلك الطريق حايطا قصير من الحجاره. وكان فى تلك الطريق سباع ضاريه لا تسلك بسببها. فشكى دلك الى الوليد بن عبد الملك، فبعث اربعه الاف جاموسه بفحولها، فاتلفت تلك السباع.

وبناها بعد دلك وحصنها أتمّ تحصينا الملك تكفور ملك الروم، الدى كان خرج الى بلاد الاسلام فى اخر سنه سبع وخمسين وثلثمايه. وقتل وسبا (١٤) ووصل الى الشام، وفتح معرة مصرين، ومعرة النعمان، وحماه وحمص، واخد من حمص راس القديس مر يحنّا، وفتح عرقا، واخد انطرطوس، ومرقيّه وجبله. ولما بنا (١٦) هدا الحصن رتب فيه نايبا ومعه الف رجل، وحصنها تحصينا ما كنا. ثم ملكها الفرنج وما زالوا يتداولون تحصينه وعمارته طول المدد.


(٣) ابن: بن
(٦) اوقفها: فى البلاذرى، فتوح البلدان (ط. القاهرة ١٩٥٦) ج‍ ١ ص ١٧٦ «فوقفها»
(٧) نسايهم: نساءهم
(٨) طريق: الطريق؛ فى البلاذرى ص ١٩٨، وابن عبد الظاهر ق ١١٩ ب. تحقيق الخويطر ص ١١٤٠ «الطريق المستدقة»
(٩) جملا: جمل--مسلمة: فى الأصل «مسلم» --يمشون: يمشين
(١٠) بنا: بنى-- قصير: قصيرا
(١٤) وسبا: وسبى
(١٦) بنا: بنى