المسلمين عليكم بالقصد، وبما أعزّكم به الله، ثم دعا عمر أبا عبيدة، وأمره أن يكتب لهم الأمان، ويخبرهم بقدومه.
وسار أبو عبيدة وتبعه عمر فى المنازل حتى قدما، فتلقاه يزيد (١٤٧) ابن أبى سفيان، وسأله أن يغيّر زيّه، وأخبره أنّ ذلك أجمل فى النّاس، وأعظم فى نكاية العدوّ، فقال: يا ابن أبى سفيان، ما أزيّن نفسى بما يشيننى عند الله تعالى، ولا أعظّم نفسى عند النّاس بما يصغّرنى عند الله عزّ وجلّ، فلمّا نزل عمر رضى الله عنه إيلياء نزل إليهم عظيمهم فصالحهم.
وولّى أبو عبيدة عمرو بن العاص فلسطين، وطهّر الله تعالى البيت المقدّس على يد أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه.
وفيها كان عبور الجيوش الإسلاميّة العراق، وحرب فارس.
[ذكر ابتداء دخول المسلمين العراق]
ثم إنّ الإمام عمر رضى الله عنه، ندب النّاس إلى العراق لقتال الفرس، فتثاقل الناس عنه لمّا سمعوا ذكر الفرس، ثم انتدب أبا عبيدة بن مسعود الثقفى وسار معه المسلمون، فقاتلهم الفرس بالفيلة، وكانت العرب لا تعرف القبلة فانهزم المسلمون، وقتل أبو عبيدة بن مسعود-رحمه الله تعالى-وأشراف الناس، وغرق من المسلمون بشر كثير، وسبق عبد الله بن يزيد إلى الجسر فقطعه، فقيل له:
لم فعلت ذاك؟ فقال: حتى تقاتلوا عن أميركم، فأخذ الرّاية المثنى بن حارثة، فجال بها ورجعت الفرس عنه، ونزل خفّان، وكتب إلى عمر يستمدّه، وبلغت الهزيمة المدينة، فكان أوّل من قدمها عبد الله بن يزيد منهزما، فلمّا رآه عمر قال: