للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن غريب الأمثلة قول عرقلة (من السريع): (١)

قد أقبل المنثور يا سيدى ... كالدرّ والياقوت فى نظمه

ثناك لا زال كأنفاسه ... ومخّ من يسناك (٢) مثل اسمه

[(٢٦٩) رجع الكلام إلى التنين المسمى ظنين]

فلمّا انتهى تأمّله إلى تلك الرياحين والزهور، وفهم بمعقوله ما قيل فيها من منظوم ومنثور، فكان خاتمة هذا الفصل المنثور، رفع إلى العلوّ بصره، وحقّق نظره، فإذا الأشجار تميس، كأذناب الطواويس، وتلك الأشجار قد ثقل حملها بالأثمار، فالنخلة وجنيها، كالنحلة وجنيها، أو كالحبلة وجنيها، وكذلك سائر الأشجار، قد أوسقت من الثمار، ممّا ينزّه الأبصار، وتحيّر فى صفاته الأفكار، صنوان وغير صنوان، تسقى بماء واحد، فالويل كلّ الويل للكافر الجاحد، وإذا شجرات السرو بين تلك الربا والأزهار، كعرائس تجلا فى حلل الاخضرار، أو كغيد تجللوا بالشعور، وشمّروا أثوابهم عن سوقهم بين تلك المروج المنثور، أو كشموع مجلّلة، فى مشاهد مبجّلة، أو كرايات على سمر الرماح، كما قال ابن وضّاح (من الطويل):

أيا سرو لا يعطش منابتك الحيا ... ولا يرعن أشجارك ورق النضر

لقد كسيت أعطافك الملد مثلها ... يلفّ على الخطىّ رياته الخضر

[التفاح]

هذا، والتفّاح، قد عطر وفاح، وعاد فى خضرة أوراقه بين الأزاهر، كخضرة السماء وقد زيّنت بالنجوم الزواهر، فالأنفس إليه تتوق، إذ جمع بين لونى


(١) ديوان عرقله ٩٤،٥
(٢) ومخ من يسناك: ومخ من يسنوك الديوان