اعلم أنّ أوّل هذه الدعوة الملعونة بعد عمل الداعى بالزرق والمآتم وقوة إجابة المدعو من سائر الأمم أنّ أوّل ما يسلك به فى السؤال عن المشكلات مسلك الملحدين والشكّاك. ويكثر السؤال عن تأويل الآيات ومعانى الأمور الشرعيّات، وشئ من الطبائع، ووجوه القول فى الأمور التى يكثر فيها الشبه ولا يصل إليها إلاّ العالم المبرّز. فإن اتفق له عالم مجيب ممارس جدل سلّم إليه الداعى وعظّمه وكرّمه وحشّمه وصوّب قوله وداخله فيما يحب من أمر الشريعة التى يومى إليها. وكل ذلك ليقطع كلامه، لئلا يبين له ما هو عليه من المكر والخديعة، وما يدخل به على غيره من الجهّال من أمر الدعوة الخبيثة. وإن اتفق مغرور-وهم الأكثرون من الناس من المغفّلين الغليظين الحواس، ألقى إليه ما يشغله ويبليه بالفكر فيه، مثل قوله: إنّ الدين لمكتوم، وإنّ الأكثر له منكرون وبه جاهلون. ولو علمت هذه الأمّة ما اختصّها الله عز وجل من العلم لم تختلف. ويوهم من سمع كلامه أنّ عنده علوما