للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سنة اثنين وثمانين وخمسمائة

النيل المبارك فى هذه السنة

الماء القديم ستة أذرع واثنى عشر أصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وأحد وعشرين أصبعا.

[ما لخص من الحوادث]

الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين بحاله.

والسلطان صلاح الدين سلطان الإسلام بالديار المصرية وما معها. وقد رجع إلى دمشق مظفرا منصورا. واستدعى ولده الأفضل-وهو الأكبر من ولده-وملّكه دمشق. واستدعى تقى الدين الملك المظفر من مصر. وملّك مصر لولده الملك العزيز، ونفذ معه عمه العادل لتدبير أحواله بها. وملّك حلب لولده الظاهر.

قال ابن الأثير فى تاريخه: إن السبب الذى فعله السلطان فى سنة اثنتى وثمانين وخمسمائة من نقل الملك العادل أخيه عن حلب وتوليتها لولده الملك الظاهر، ونقل الملك المظفر عن مصر وتوليتها لولده الملك العزيز، أن السلطان لما مرض وعوفى، وسار إلى الشام، سايره يوما علم الدين سليمان بن جندر، فجرى بينهما حديث، فقال له سليمان: «يا خوند بأى رأى كنت تظن أن وصيتك تمضى وأن أمرك يقبل، كأنك كنت تظن أنك تمضى إلى الصيد، وترجع فلا يخالفوك. بالله أما تستحى أن يكون الطائر أهدى منك إلى المصلحة». فقال صلاح الدين وهو يتبسم من كلامه:

«كيف ذلك؟». قال: «إذا أراد الطائر يعمل عشّا لفراخه قصد أعالى الشجر ليحمى فراخه. وأنت سلمت الحصون إلى أهلك، وجعلت أولادك على الأرض. هذه حلب مع أخيك العادل، وحماه بيد المظفر، وحمص بيد المجاهد. وأحد بنيك بمصر تحت حجر تقى الدين، يخرجه منها متى أحب». فقال: «والله صدقت فاكتم ما معك».

ثم اهتم فى تمليك بيته، وكان أمر الله غير إرادته.