للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: «احفظوا البلاد إلى حين عودتى إليكم». ثم سار طالبا خراسان.

هذا ما ذكره ابن الأثير فى تاريخه، رحمه الله تعالى.

وأما ما ذكره ابن واصل صاحب تاريخ بغداد-رحمه الله-فإنه قال:

إن عسكر السلطان علاء الدين خوارزم شاه كان فيه الكفاية للتتار وزيادة عنه، وإنما كان فيه جماعة من الملوك مخامرين عليه، فخاف على نفسه منهم لا يسلمونه للتتار ولا يناصحونه فى الحرب، ففعل ذلك، والله أعلم.

[ذكر دخول التتار بلاد الإسلام]

قال ابن واصل فى تاريخه: ثم إن التتار تجمعوا مع ملكهم جكزخان، وقطعوا نهر سيحون بجموعهم وأثقالهم وحريمهم، من غير اكتراث ولا وجل. ووصلوا مدينة بخارا بعد خمسة عشر شهرا من هذه الوقعة، وحاصروها ثلاثة أيام، فلم يكن للعسكر الذى ببخارا بالتتار طاقة ولا قبل، فخرجوا من البلد ليلا، وهربوا إلى نحو خراسان. وأصبح أهل البلد وليس عندهم أحد من المقاتلة، فضعفت نفوسهم. وخرج القاضى ببخارا يطلب الأمان من التتار، فأعطوهم الأمان، وكان كذبا منه ولعنة.

وكان قد بقى فى البلد بقية من العسكر، فاعتصموا بالقلعة، ودخل التتار البلد يوم الثلاثاء رابع شهر ذى الحجة سنة سبع عشرة وستمائة. ونادى جكزخان بالأمان، وأظهر العدل حتى اختاروه الناس على السلطان علاء الدين. ثم قال: «نحن قد أمنّاكم فأخرجوا لنا أموال عدونا السلطان خوارزم شاه وذخائره، وساعدونا على قتال هذا الباغى والذين فى القلعة». ثم دخل الملك جكزخان بنفسه البلد، ونادى: «من تخلّى عن مساعدتنا على هذه القلعة قتل، ولا له أمان عندنا». فاجتمع أهل بخارا بكمالهم بين يديه، فأمرهم بردم الخندق، فردموه بالخشب والتراب، حتى كسروا أخشاب