للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنابر وسقوف المساجد. وطموا الخندق، حتى بالكتب النفيسة والختمات الشريفة والربعات المعظمة. فلما طموه، أمر بالزحف عليهم. وكان بالقلعة أربع مائة مقاتل، فصبروا على القتال صبر الكرام اثنا عشر يوما. ثم نقبوا سور القلعة وملكوها، وقتلوا جميع من كان بها من الجند وغيرهم. ثم أمر جكزخان بإحضار وجوه البلد وأعيانها، وطلبهم بالأموال من الذهب والفضة الذين يتبايعون بها بسكة السلطان خوارزم شاه، وقال: «لنضربها باسمنا ونعيدها إليكم. وأى من أخفى شيئا منها قتل»، فأحضروا له جميع ذلك. فلما صفّى أموالهم، أمرهم أن يخرجوا من البلد مجردين من جميع أموالهم وقماشهم وأثاثهم. ثم دخل التتار البلد، ووضعوا السيف، وسبوا النساء، وقتلوا الولد على صدر أبيه وأمه، وفعلوا من المصائب ما تقشعر لسماعه الأبدان. ثم أطلقوا فى البلد النار فأحرقوه. ثم توجهوا إلى سمرقند ومعهم خلق عظيم من أهل بخارا، يمشون حفاة عراة. ومن عجز منهم عن المشى قتلوه. فأحاطوا بسمرقند، وكان فيها خمسون ألف فارس، ومن العامة عالم لا يحصى عددهم إلاّ الذى خلقهم. فخرجوا العامة على التتار وقاتلوهم. وأما الجند فلم يخرج إليهم منهم أحد، وذلك لما علموا بعجزهم عنهم. فلما خرجت العامّة تأخروا التتار وانهزموا قدامهم، فطمعت فيهم العامة وتبعوهم مدة يوم كامل، حتى بعدوا عن المدينة، ثم رجعوا عليهم، فقتلوا الجميع، فعند ذلك ضعفت نفوس من بقى فى البلد. وأما الجند فإنهم طلبوا الأمان لأنفسهم؛ وذلك أنهم كانوا أتراك فظنوا أن التتار ترق لهم لأجل الجنسية، فأعطوهم الأمان. فخرج الجند من البلد بأموالهم وأثقالهم وأهاليهم، فقالوا التتار لهم: «اعطونا سيوفكم فإنكم فى ذمامنا، ولا حاجة لكم بسلاح، ونحن محتاجون إلى ذلك»، فأعطوهم جميع سلاحهم. ثم داروا بهم فقتلوهم عن آخرهم.

وفى اليوم الرابع داروا بالبلد، وفعلوا به كما فعلوا ببخارا، وأحرقوها. وذلك فى شهر المحرم سنة تسع عشرة وستمائة.