حرّاقته إلى جهة هرثمة؛ وكان قد بلغ ذلك طاهرا فجعل له جماعة يرصدونه حتّى غرّقوا حرّاقته وقتلوه، وأحضروا رأسه إلى طاهر فنصبها على الباب الجديد ثم أنزله وبعث بها إلى المأمون وهو يومئذ بخراسان بمدينة بغاسان، ودفن جثّته. ويقال إنّ المأمون لمّا رأى رأس الأمين بكى واستغفر له، وذكر له جميلا أسداه إليه في حياة الرشيد؛ والله أعلم! <فذكر عن أحمد بن سلاّم صاحب المظالم ببغداد قال؛ كنت مع هرثمة في الحرّاقة التي تحوّل فيها الأمين. فلمّا غرقت أخذت مع الأمين وتركت في بيت فيه بوار. فلمّا ذهب من الليل ساعة وإذا قد فتحوا الباب الذي أنا فيه وأدخلوا الأمين وهو عريان الجسد عليه سراويل وعلى كتفه خرقة خلقة فتركوه معي فاسترجعت وبكيت فقال لي: من أنت؟ فعرّفته بنفسي فقال: يا أحمد! ضمّني إليك فإنّي أجد وحشة شديدة! فضممته.
ثم فتح علينا الباب ودخل رجل فتصفّح في وجوهنا وأثبتّه صحّة فإذا هو محمد بن حميد الطاهريّ. فلمّا عرفته علمت أنّ الأمين مقتول! فلم تكن إلاّ هفوة إذ هجموا علينا جماعة بأيديهم السيوف مشهرة وصاح الأمين: ويحكم! أنا ابن عمّ رسول الله! أنا ابن هارون الرشيد! أنا أخو المأمون! الله الله في دمي! فضربه رجل منهم بالسيف في مقدّم رأسه؛ وكان في يد الأمين وسادة كانت في ذلك البيت؛ فضربه بها في وجهه فصرعه فصاح: قتلني قتلني! فدخل منهم جماعة فنخسه رجل منهم في خاصرته بالسيف، وركبوه فذبحوه من قفاه، وحزّوا رأسه وتركوا جثته. والله أعلم>.
[صفة الأمين]
طويل، جسيم، حسن الوجه، أبيض بحمرة، وقيل أسمر أشقر أسبط،