خراجه ابن أسباط فأقام شهورا ثم عزل وولي العبّاس بن موسى فأقبل يريد مصر فلمّا كان ببلبيس توفّي. وعزل القاضي لهيعة وولّى مكانه الفضل بن غانم.
وفيها قتل الأمين رحمه الله. وذلك أنه لمّا بلغ المأمون مقتل حسين انتدب هرثمة بن أعين، وعلى مقدّمته طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق.
ونفّذ الأمين جيشا يقدمه عليّ بن عيسى. وانهزم جيش الأمين، وتبعه عساكر المأمون. ونزل طاهر بن الحسين الأنبار. ونزل هرثمة بن أعين النهروان.
والتجأ الأمين إلى مدينة أبي جعفر؛ وحصل الحصار، وكانت لهم حروب ومحاصرات مع عامة بغداد وشطّارها وعيّاريها. وعادت لهم مقدّمين على كلّ طائفة منهم حتّى أنّ الرجل منهم يصنع بنفسه تماثيل كثيرة؛ فمنهم من يعمل نفسه صفة فرس وعليه المقطّعات الصوف والبراذع. وتركهم منهم المقدّمين عليهم، وقاتلوا قتالا عظيما مما يطول شرحه، والأمين يبذل لهم الأموال حتّى نفذ جميع ما عنده واحتاج أن ضرب (١٤٢) جميع أوانيه من ذهب وفضّة وأنفقها عليهم. وقيل له ذات يوم: لقد أجاد عامة بغداد وأحسنوا بلاءهم في خدمتك، ومنعوا هؤلاء الطالبين أذاك! فقال: لعن الله الطائفتين هؤلاء يطلبون دمي، وهؤلاء يطلبون مالي! وكان يميل إلى هرثمة خلاف طاهر فلمّا ضجر وغلب ونفذ جميع ما يملكه أجمع على النزول على حكم أخيه وراسل في ذلك هرثمة فأجابه. فلمّا كان ليلة الأحد لخمس بقين من المحرّم من هذه السنة خرج في