الخليفة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. وعزل المطّلب وولّى السريّ بن الحكم فولّى خراجه محمد بن أسباط، والقاضي لهيعة بحاله.
وممّا روي أنّ الرشيد ناظر يحيى بن خالد فيمن يعهد إليه من ولده أولا.
وعلم يحيى ميله إلى أم جعفر زبيدة أمّ الأمين، وتحقّق أنه يؤثر هواها، وأن لا معدل له عن ولدها فحطب في حبلها. فأحضر الرشيد الأمين والمأمون وأغرى بينهما وهما إذ ذاك صبيّان فأسرع الأمين إلى المأمون فنال منه؛ وكان المأمون أحلمهما. ثم إنه أمرهما بأن يتصارعا فوثب الأمين فلزم المأمون مكانه! فقال له الرشيد: ما لك لا تقوم يا عبد الله؟! أخفت ابن الهاشميّة؟ أما إنه أيّد! فقال المأمون: هو على ما ذكره أمير المؤمنين، ولكنّي لم أخفه. وإنما قبض يدي عنه ما قبض لساني حين أسمعني. فقال له الرشيد: ما الذي قبض يدك ولسانك عنه؟ قال؛ قول الأمويّ لبنيه يوصيهم (من الكامل):
إنفوا الضغائن بينكم وتواصلوا ... عند الأباعد والحضور الشهّد
بصلاح ذات البين طول بقائكم ... ودماركم بتقاطع وتفرّد