[[نسخة مكتوب السلطان الناصر إلى غازان خان بعد معركة شقحب]]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما جدّد لنا من النعمة التامّة، وسمح به <من> الكرامة العامّة، حين أعاد البدر إلى كماله، والسرور إلى أتمّ أحواله، فاشتاقت النفوس إلى عوايدها، وارتاحت القلوب إلى ملايذها، وأضاءت شموس المعالى، وطلعت بدورها بالسعد المتوالى، وارتاحت القلوب إلى معجز برهانها التالى، وكانت غلطة من الدهر فاستدركها، وسقطة خطب غطّته فما ملكها، فقرّت تلك العيون، وتحقّقت فى بلوغ الآمال الظنون. فلله الحمد الجزيل، ما لاح فى الجوّ بارق، وعرا فى الليل طارق
وبعد: فليعلم الملك محمود غازان جامع الوفود، وحاشد الحشود، أنّه قد كان ما جرى وقدّر فى القدم، فلا رادّ لما قضى وبرم وحكم، فحملنا ذلك أنّه كان من ربّنا تقدير، وأنّه ليس لأحد فيما أراد الله تعالى تدبير، فما لبثت إلاّ اليسير من المدّة، حتى أرسلت رسلك إلينا مجدّة، تطلب الصلح وتحثّ عليه. وتذكر السلم وتندب إليه، بعد ما اعتمدت الفساد فى الأرضين. وكان من الواجب علينا وعليك إصلاح ذات البين. فأكرمنا رسلك إكراما يليق بجميل فعالنا، وجاوبناهم بمقتضى حالهم لا حالنا. وأعدناهم إليك، وقلّدناك من البغى ما عاد وباله عليك. فعدت وأرسلت تطلب منّا رسلا تسمع كلامك، وقد فهمنا مقصدك ومرامك. فأرسلنا إليك ما طلبت، وركّبناك فرس البغى، فيابئس ما ركبت!
فما كان إلاّ عند وصول رسلنا، جهّزت عساكرك وأظهرت الغدر لنا، وحرّضتهم بما عاد وباله عليهم، وما رأوه حاضرا لديهم. ثمّ شيّعتهم