للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من جهتهم أوّلا فأوّلا (١) إلى آخر سلخ شهر صفر من هذه السنة. وهو آخر ما وقف بنا الكلام، فأثنينا عنان البريد، ومن بعد ذلك يفعل الله فى ملكه ما يشا، ويحكم فى خلقه ما يريد و {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٣)

ذكر ما تجدّد فى هذه السنة المباركة

فيها برزت المراسم الشريفة بهدم الجامع الذى أنشأه مولانا السلطان عزّ نصره بالقلعة المحروسة وأن يجدّد بنايته. فهدم جميع ما كان من داخله من الرواقات والمقصورة والمحراب، وجدّد بنايته ما لم ترا العيون أحسن منه. وأعلى قناطر الرواقات إعلاء شاهقا، وكذلك القبّة أعلاها حتى عادت فى ارتفاع (٩). . . وأحضر لهذا الجامع أعمدة عظيمة كانوا منسيّين بمدينة الأشمونين بالوجه القبلىّ من أعمال الديار المصريّة. وكانوا هذه الأعمدة فى البربا التى بمدينة الأشمونين من عهد الكهنة المقدّم ذكرهم فى هذا التأريخ فى الجزء الأوّل منه المسمّى «بالدرّة اليتيمة فى أخبار الأمم القديمة» وذكرنا أنّ بانى هذه البربا أحد الكهنة المصريّين، وكان يسمّى أشمو الأشموىّ، فعرفت هذه المدينة به وخفّفت، فقيل الأشمونين. وهؤلاء الأعمدة من صناعة شياطين الجانّ. وممّا يعجز عن كيفيّة عملهم البشر من الإنس، وإنّما هؤلايك الكهنة يستعينوا بالأسما والطلسمات على استخدام المردة من الجانّ فى جميع أشغالهم وبناياتهم. وقد قيل: إنّ هؤلاء الأعمدة معجونة مسبوكة فى قوالب، وذلك لكون أنّ الناس لم يروا لهم معدنا (١٨)


(١) أولا فأولا: أول فأول
(٣) السورة ٣ الآية ١٧٣
(٩) بعد «ارتفاع» بياض نصف سطر
(١٨) معدنا: معدن