فقال له الشيخ: فهل عندك شيئ مما نحن فيه؟ قال؛ فقصّ عليه جميع ما يقوله الشيخ، وما يرمي من المسائل وما يجاب ويجيب عنها في تلك الأيام يوما بيوم.
فبهت الشيخ وسائر من حضر فقال لأبيه: إن رأيت أيّها الرجل أن تخلّي عن ولدك وأنا أدفع إليك أجرته فسيكون له شأن من الشأن! فقال أبوه: معاذ الله! فإن كان صالحا لخدمة سيّدي فلا عدت أعرض له. فكان محمد إذا أتى أباه وأمّه يهزآن به ويسخران منه فيقول لأبيه: والله لأطعمنّك اللوزينج في صحاف الفضة على محامل البلور بحضرة الخلفاء! ولا زالت (١٧٩) تترقّى به الأحوال إلى أن صار منه ما صار حتّى وزر للمتوكّل وللواثق من قبله. فبينما هو ذات يوم بحضرة الواثق وقد أحضر لوزينج في صحاف البلور على محامل الفضّة فتذكّر قوله لأبيه فدمعت عيناه! فرآه الواثق فسأله فقصّ عليه ولم يخفه شيئا فأمر بإحضار أبيه وكان قد أسنّ وكفّ بصره فلمّا حضر عاد يأخذ يده ويضعها على الصحاف البلور والمحامل الفضة ويلقمه من اللوزينج وقال:{يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ}!
ذكر سنة إحدى وعشرين ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم ثلاثة أذرع وخمسة عشر إصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وأحد وعشرون إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد. وموسى بن أبي العبّاس على حرب مصر. وعزل إسحاق وولي عبد الله بن عبد الرحمن الخراج.