للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما جمعناه فيه من ذكر ثمار الصيف والخريف وزهر الربيع، فلنردف ذلك بذكر طبائع الأزمان الأربعة، وما ذكر فى كلّ فصل منهم من المنفعة ونلحقه بما قيل من مستحسن الشعر فى خاصّيّة زمانه وعصره وأوانه (٢٩٠) ليكون هذا الكتاب بمجموعه لمحاسن الأشياء يتيه، إعجابا على ما سواه إذ جمع عدّة من أنواع التشابيه، بالله التوسّل، وعليه التوكّل.

[فصل الربيع]

إذا نزلت الشمس أوّل الحمل استوى الليل والنهار فى الأقاليم، واعتدل الزمان وطاب الهوى (٢) وهبّ النسيم، وذابت الثلوج وسالت الأودية ومدّت الأنهار نبعت العيون، وارتفعت الرطوبات إلى أعلى فروع الأشجار، ونبت العشب، وطال الزرع، ونمى الحشيش، وتلألأ الزهر، وأورقت الأشجار، وتفتّح النور، واخضرّ وجه الأرض، وتكوّنت الحيوانات، ونتجت البهائم، ودرّت الضروع، وانتشرت الحيوانات فى أوطانها، وطاب عيش أهل الوبر، وطلع أعلا السطوح أهل المدر، وأخذت الأرض زخرفها، وفرح الناس والحيوان أجمع بطيب نسيم الهواء، وازدانت الأرض، وصارت الدنيا كأنّها جارية شابّة قد تزيّنت وتعطّرت تحلّت للناظرين وعادت كما قيل، للصنوبرى (من البسيط): (١)

أنا ترى الأرض قد أعطتك زهرتها ... مخضرة واكتسى بالنور عاريها

وللسماء بكاء فى حدائقها ... وللرياض ابتسام فى نواحيها


(١) حلبة ٢٧٥،١٥ (منسوب إلى ابن المعتز وإلى الشامى)؛ ديوان ابن المعتز ٢/ ٦٥٤، رقم ١١٤٣؛ نهاية الأرب ١١/ ٢٦٧، -١ (منسوب إلى البسامى)
(٢) الهوى: الهواء