وأقبل على الأمين فقال له: ما أنت صانع إن صرف الله إليك أمر هذه الأمة؟ فقال: أكون مهديّها يا أمير المؤمنين! فقال الرشيد: إن تفعل فأهل ذلك أنت! ثم أقبل على المأمون فقال له: يا عبد الله! ما أنت صانع إذا صرف الله إليك أمر هذه الأمة؟ فابتدرت دموع المأمون، وفطن الرشيد لما أبكاه فلم يملك عينيه فأرسلهما، وبكى يحيى بن خالد، وبكى الأمين، فلمّا قضوا من البكاء أربا عاد الرشيد لمسألة المأمون فقال: أعفني يا أمير المؤمنين! قال الرشيد: عزمت عليك أن تقول! فقال: إن قدّر الله ذلك جعلت الحزن شعارا، والحزم دثارا، واتّخذت سيرة أمير المؤمنين مشعرا لا تستحلّ حرماته، وكتابا لا تبدّل كلماته! فأشار الرشيد إلى الأمين والمأمون بالانصراف فذهبا ثم أقبل على يحيى بن خالد فأنشده بيت صخر بن عمرو بن الشريد حيث يقول (من الطويل):
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فقال يحيى بن خالد: هيّأ الله لك يا أمير المؤمنين من أمره رشدا.
ذكر سنة إحدى ومائتين هجرية
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. وفيها وثب سليمان بن غالب على السريّ بن الحكم فأخرجه إلى الصعيد. وكان سليمان (١٥٠) من قبل طاهر بن الحسين. وولّى أيضا طاهر الخراج عمر بن خلف الرازي. ثم عاد الأمر إلى السريّ. وابن لهيعة قاض بحاله.