للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك ليشدّ قوله عند مولانا السلطان. فاتّفق الحال على القاضى علاء الدين كرها (٢) من أقاربه وبغير رضاهم، وجرت عليه منهم أمور كثيرة لمنعه. وهو لا يزداد إلاّ تصميما على السفر فى الركاب الشريف لسعادة جدّه وقوّة سعده، فخرج، وقد لحظته السعادة وحرّكته الإرادة. فوقع من مولانا السلطان موقع السهم من الغرض. فلمّا عاد الركاب الشريف وقصد أن يولّى ديوان الإنشا صاحبا، أعرض جماعة من كبار الموقّعين كلّ منهم يظنّ أنّه سحبان زمانه، وعبد الحميد فى بلاغته وبيانه. والإرادة قد سبقت للقاضى علاء الدين، من قبل ذلك الحين. ثمّ إنّ مولانا السلطان قال لشرف الدين ابن فضل الله: ما أنت القايل لى عن ذلك الشابّ الذى من بنى الأثير، ما قلت ووصفته بما وصفت، وإنّه من بيت هم أحقّ بهذه الوظيفة (١٠)، وأنتم دخلا عليهم؟ - فلم يمكنه أن يقول إلاّ: نعم، -فقال: وأنا أيضا جرّبته فوجدت جميع قولك فيه صحيحا (١٢). -ثمّ رسم له بالمكان دون أوليك النفر جميعهم، وأقيم من بينهم وأخلع عليه. وجلس ودخل أوليك الجميع، وقبّلوا يده، وصار من القاضى علاء الدين ما شاع وذاع، حتى تشرّفت بحسن مآثره الأسماع

[ذكر نزول بيبرس عن الملك وهروبه]

وذلك لمّا بلغه توجّه برلغىّ إلى الركاب الشريف الناصرىّ وصحّ ذلك عنده، نزل عن الملك وأبرأ الناس من بيعته فى تأريخ ما تقدّم. وخرج من القلعة طالبا للصعيد واستصحب معه الخزاين والأموال. وكان قبل ذلك بأيّام قد سلّطوا عليه العامّة والخرافيش. وعادوا يتردّدون إلى تحت القلعة ويقولون:


(٢) كرها: كره
(١٠) الوظيفة: الوضيفة
(١٢) صحيحا: صحيح