للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قم واستحى من الله! وخلّى مكان الرجل! انزل عن مكان لا يصلح لك! - وأشيا قباح. وعادوا يخرجوا إليهم الوشاقيّة من الإصطبل، فيرجموهم ولا ينالوا منهم غرضا (٣). فلمّا كان تلك الليلة عند نزوله وخروجه تعبّؤوا له ورجموه بالمقاليع وبالكفّ. فربّما أرموا لهم دراهم جيّدة اشتغلوا بها عنه حتى ساق وخلاّهم. وتوجّه صحبته مماليكه وجماعة من الأمرا البرجيّة وكريم الدين الكبير، ومشى فى برّ الشرق. هذا ما جرى لبيبرس

وأمّا ما كان منّا، فأصبحنا صبحة توجّه برلغىّ، فلم نجد ثمّ أحدا (٧)، بل الناس جميعهم توجّهوا لملتقى مولانا السلطان الملك الناصر عزّ نصره.

وبلغنا هروب بيبرس، فالوقت ركب الوالد البريد ودخل القاهرة واجتمع بالأمير سيف الدين سلاّر وأخذنا جمال النفر السلطانىّ، وجهّزنا الإقامات الكبيرة. وخرج الوالد رحمه الله والعبد فى خدمته صحبة الإقامات، فلقينا الركاب الشريف السلطانىّ الملكىّ الناصرىّ-أعلاه الله تعالى على أرقاب أعداه، وجعله مؤيّدا بالنصر والظفر على كلّ من عاداه-بمنزلة الورّادة.

فنزلنا وقبّلنا الأرض بين يدى المواقف الشريفة، وفزنا بمشاهدة تلك الأخلاق اللطيفة. فحصل لنا من الجبر والإقبال، فوق الظنّ والآمال.

وألبسنا الخلع السنيّة، وقد بلّغنا الله تعالى غاية الأمنيّة. وكانت الإقامات شيئا (١٧) كفت جميع تلك الجيوش القادمة فى ركابه الشريف حتى شبعت منها الوحوش. وكان الوالد رحمه الله أرمغان (١٨) فى أموره وكفايته، لحسن يقينه بالله تعالى وتوكّله وأمانته. ولم نزل فى الركاب الشريف إلى أن نزل بركة الحجّاج، وجيوش مصر والشأم كأمواج البحر العجاج


(٣) غرضا: غرض
(٧) أحدا: أحد
(١٧) شيئا: شى
(١٨) أرمغان: أمر معان