لوصيّهما: إنّ واسطا لا تفي بما نريد من العلم ونؤمّله من الرئاسة! ولكن جهّزنا إلى معترض العلماء ومستقرّ الخلفاء! ففعل وأوصل لهما جميع ما لهما. فلمّا صارا إلى بغداد نالا ما أمّلاه من العلم والرئاسة ولبثا معا في دار المأمون وهما غلامان. فيروى أنّ المأمون رأى سليمان بن وهب يمشي في دار الخلافة (٢٠٢) فقال: من أنت يا غلام! فقال سليمان: الناشئ في دولة أمير المؤمنين المغتذي بنعمته، المكرّم بخدمته سليمان بن وهب! فقال: أحسنت يا غلام! ثم دعاه وأمره أن يكتب بين يديه كتابا ولم يكن بلغ قدره أن يكتب مثل ذلك الكتاب. فكتبه وحررّه على ما أراد المأمون من جودة الخطّ والضبط وسهولة اللفظ فاستحسنه المأمون. ولمّا خرج سليمان من عنده كتب إليه بعض إخوانه يقول (من البسيط):
أبوك كلّفك الشأو البعيد كما ... قدما تكلّفه وهب أبو حسن
فلست تحمد إن أدركت غايته ... ولست تعذر مسبوقا فلا تهن
ولم تزل أمورهما تنمى إلى أن نالا الوزارة.
ذكر سنة خمس وأربعين ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم ستة أذرع واثنان وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وثلاثة أصابع.