للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتمّة كلام المجيرىّ للوالد رحمهما الله تعالى جميعا

قال الأمير حسام الدين المجيرىّ: لمّا اعتقلنا غازان بالمدرسة، كما تقدّم السبب فى ذلك، قال: أقمنا سنتين (٣) ونحن ننتظر الموت صباحا ومساء.

وكان لنا طاقة ضيّقة عالية تشرف على الطريق. وكان قبالها دكّان لرجل إسكاف لم يبرح يشير إلينا بإصبعه بالسلام. فبينا ذات يوم أنظر الطريق وإذا برجل فى وسط الطريق فى السوق وهو يمشى حافيا، ومعصّب الرّجل بخروق وسخة، عريان الجسد، ضعيف الحركة، والناس يسلّمون عليه ويهنّئونه بالسلامة، وهو لا يكاد يردّ الجواب ضعفا، فجعل ذلك الإسكاف الذى فى تلك الدكّان التى قبال الطاق يشير بيده نحوى ويتبسّم ويشير إلى ذلك الشخص ولا أفهم معنى ذلك لبعد المكان وعلوّه. وكان ذلك الرجل من الجيش الذين كسروا بشقحب، ورجع فى ذلك الحال. (١١) (وكان ذلك الإسكاف يشير إلينا ليرينا إيّاه، وهو كالشامت به) (١٢). فأقمنا بعد ذلك أربعين يوما إذ أقبل إلينا الفرج من الله عزّ وجلّ. فأخرجونا ودخلوا بنا الحمّام وألبسونا ثيابا (١٤) حسنة. وبعد خمسة أيّام ورد مرسوم خدابنداه بإحضارنا، قال: فلمّا حضرت بين يديه أكرمنى وأجلسنى وقرّبنى وحدّثنى منّى إليه بغير حاجب وقال: يا حسام الدين، كيف رأيت صنع الله تعالى بغازان الملعون لمّا طغى وزاد، قال: فقمت وقبّلت الأرض وقلت: يحفظ الله القآن ويطول فى عمره، قال: ثمّ أنعم علىّ (١٨) ورسم لى بالأموال والخيول والخلع والأنعام، وأعطانى أشيا لم يعطها ملك مثله لمثلى. وكتب معى إلى ساير


(٣) سنتين: سنتان
(١١ - ١٢) وكان. . . كالشامت به: بالهامش
(١٤) ثيابا: ثياب
(١٨) على: عليه