هو حارثة بن الحجّاج، وهو شاعر قديم من شعراء الجاهليّة، وكان أكثر شعره في وصف الخيل. قال ابن الأعرابي: لم يصف أحد الخيل قطّ إلاّ احتاج إلى أبي دؤاد، ولم يصف الخمر إلاّ احتاج إلى أوس بن حجر، ولم يصف إنعاما وجودا إلاّ احتاج إلى علقمة الفحل، ولا اعتذر أحد في شعره إلاّ واحتاج للنّابغة الذّبيانيّ، وذلك أن كلاّ من هؤلاء قد أصرف همّته إلى فنّ من هذه الفنون فلا يقدر عليه غيره.
وكان أبو دؤاد قد مدح الحارث بن همّام (٣٣٩) بن مرّة بن ذهل بن شيبان فأعطاه هدايا كثيرة. فلمّا مات ولد لأبي دؤاد وهو إذ ذاك في جواره، فواده وحلف الحارث أنّه لا يموت له ولد قطّ إلاّ وداه ولا يذهب له مال إلاّ أخلفه، فضرب العرب المثل، بحسن جواره. فمن ذلك قول قيس بن زهير (من الوافر):
أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي ... إلى جار كجار أبي دؤاد
وأمّا هذا النوع فكثير جدّا في أشعار المتقدّمين ومن تلاهم، وهذا أصله، والله أعلم.