يا معاذ؟» فقال: رأيت اليهود يسجدون لأحبارهم، والنصارى لرهبانهم وقسّيسيهم، ففعلت مثلهم، وأنت أولى. فقال:«مه يا معاذ، كذبوا. إنّما السجود لله تعالى». وقاله ابن عبّاس كذاك. والثاني: أنّه كان سجودا على الحقيقة لآدم، قاله مجاهد. والثالث: أنّه جعل آدم قبلة لهم وسجودهم لله تعالى، كما جعلت الكعبة قبلة للصلاة المختصّة بالمؤمنين، والصلاة لله ربّ العالمين. وقال ابن مسعود: سجدت الملائكة لآدم، وسجد هو لله تعالى. وقال أبيّ بن كعب: معنى سجودهم أنّهم أقرّوا لآدم أنّه خير وأكرم على الله منهم.
وعن عمر بن عبد العزيز: لمّا أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، أوّل من سجد له إسرافيل، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته.
(٢٨) فصل
في قوله تعالى:{إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَاِسْتَكْبَرَ}
أي امتنع وتعظّم، وكان بمعنى صار في علم الله أنّه من الذين وجبت عليهم الشقاوة. وقال السّدّيّ: لمّا امتنع إبليس من السجود قال <له> الله تعالى: {ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} له؟ {قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} قال: بماذا؟ قال:{خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ألست الذي استخلفتني في الأرض وجعلتني حاكما عليها وعلى الملائكة، وألبستني الريش ووشّحتني