للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند]

وذلك أنّه لمّا كان فى أواخر شهر ذى القعدة من هذه السنة قدم التجّار الكارم من اليمن إلى الديار المصريّة، فأخبر العدل بهاء الدين محمد بن العدل تاج الدين المعروف بأبى سعد البغدادىّ، وهو ابن أخى (٤) العدل شهاب الدين أحمد بن الكوّيك الكارمىّ التكريتىّ ممّا أخبرنا به نور الدين ابن أخيه أنّ صاحب إقليم دلّى-وهو يومئذ الملك المسعود ناصر الدين محمد بن علم الدين سنجر عتيق شمس الدين إيتامش وشمس الدين إيتامش عتيق السلطان شهاب الدين وأخوه السلطان غياث الدين الغورى المقدّم ذكرهما فى هذا التأريخ-كان قد سيّر جيوشه فى سنة تسع وتسعين وستّ ماية إلى نواحى إقليم كنبايت (١٠). فلمّا بلغ التتار الذين بجواره-وهم طايفة يقال لهم المنكدمريّة عرفوا باسم ملكهم منكوتمر-أنّه ليس ببلاد دلّى عساكر طمعوا فى أخذها، فجمعوا وحشدوا وتوجّهوا نحو مدينة دلّى وأغاروا على أطراف بلادها وأعمالها، فنهبوا وسبوا وأسروا وملكوا منها تقدير نصف أعمالها. ثمّ إنّهم قصدوا المدينة نفسها التى هى كرسىّ المملكة. ولم يكن عند الملك المسعود المذكور يومئذ سوى ثلاثين ألف فارس والتتار فى جمع كثير. فاستشار وزراه فى ما يفعل وكذلك كبار دولته.

فاتّفق رأيهم أن يأخذوا الأفيلة التى عندهم جميعها، وتركب عليها المقاتلة، ويركب الجيش من ورا الأفيلة. فإن ظهرت التتار على الأفيلة فسوف يشتغلون بها ويهرّب الملك المسعود وخاصّته إلى مكان عيّنوه بينهم بحيث أنّهم لا يحصرون فى قلعة ولا مدينة فيؤخذون. وكانت الأفيلة ثلاث ماية


(٤) أخى: احمى
(١٠) كنبايت زت: كبانت