للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سبب مأتى التتار إلى الرحبة والسبب

فى عودتهم خايبين

إنّما قدّمنا القول فى ذكر ما كان من أمر العساكر الإسلاميّة، والجيوش المحمديّة، وأخّرنا ذكر ما كان من جيوش التتار، وعساكر الكفّار، لما قبل <من الطويل>:

أيا دهرنا نعماك فينا أتمّها ... ودع أمرهم إنّ المهمّ المقدّم

والآن فنبتدى بما كان من أمور التتار، وسبب مأتاهم إلى تلك الديار.

وذلك أنّ القول تقدّم من العبد بما كان من أمر قراسنقر ورفقته المرتدّين، المغضوب عليهم إلى يوم الدين. وكان قد سيّر قراسنقر قصّادا (٩) من البلاد ليخبروه بما كان وبما فعله مولانا السلطان فى حقّ بنيه، وحاشيته وذويه.

وقد حسّن للملك خدابنداه الدخول إلى الشام، وأنّه يأخذ له البلاد من غير قتال ولا كلام. وسيّر إلى ساير ممالك التتار، من ساير الأقطار، وجنّد الجنود، وحشد الحشود. هذا والأفرم ملتهى مع الملك خدابنداه فى حسو الخندريس، وقد صار أقرب إليه من كلّ جليس. فبينما قراسنقر وجوبان يحزّبون الأحزاب، ويسبّبون الأسباب، إذ ورد على قراسنقر إحدى قصّاده، ومن كان عليه اعتماده بكتب من عيونه، يخبروه عن أولاده، بما قرّت به عيونه، وأنّ المراحم الشريفة لم تؤاخذهم بما فعله آباؤهم من سوء الاعتماد، ولا ما جناه من الفساد، وأنّه أنعم عليهم (١٨) بأمريات، وجعلهم فى صحيفته من جملة الحسنات، وأملاكك بتجبيها جباتك، وتحمل إلى خزاين أولادك،


(٩) قصادا: قصاد
(١٨) عليهم: عليهما