للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يفقدوا غير نظرك عليهم. وقد زاد مولانا السلطان فى إحسانه إليهم.

هنالك داخله الندم، لما عليه من الفساد قد قدم، ولا عاد يقدر ليستدرك ما فرط، ممّا (٣) وقع فيه من الغلط

وفى جملة ما ذكر القاصد لقراسنقر أنّ العساكر الإسلاميّة متفرّقة فى بلادها يربعوا (٥) خيولهم من أمرايها وأجنادها، ولا عندهم مهلة حتى ليستغلّوا مغلاّتها، فإنّ أخبار البيكار، شايع فى ساير الأقطار. والسلطان فى الصيد ليس عنده من جموعكم هذه اكتراث، وفى عزمه أن يسقى خيله هذه السنة من ماء الفراة. فأخذ قراسنقر ذلك القاصد، وأتى به إلى الملك خدابنداه قاصد، وحدّثه مشافاه، بما عاينه وسمعه ورآه. فقال خدابنداه: فماذا عندك، يامير شمس الدين، من الرأى؟ فنحن لرأيك متّبعين، ولقولك مستمعين. -فلم يمكنه الرجوع عمّا كان هو السبب فيه، وخشى أن تشمت به أعاديه، ويجدوا للقول فيه بابا (١١) مفتوح، ويعود كأنّه غير نصوح. فقال: يا ملك، وأيش من الرأى غير دوس الشام، فى هذا العام؟ فقلاعها حاصلة فى يديك، والجميع تسلّم إليك، من غير حرب ولا قتال، ولا تعب ولا نضال. وأوّل ما نجعل نزولنا على الرحبة، ونضرب من بابها الرقبة، والذى عندى أنّه يسلّم إلينا المفتاح عند أوّل حملة، ولا يطيق حصارا (١٦) ولا يعطى نفسه مهلة. - هذا (١٧) وجوبان يسمع الكلام ولا يبدى جواب، وقد داخله من الحنق حتى لا يحير خطاب، ولو مكّن من قراسنقر ورفقته لما كان لهم عنده غير ضرب الرقاب (١٩)


(٣) مما. . . الغلط: بالهامش
(٥) ربعوا. . . حتى: بالهامش
(١١) بابا: باب
(١٦) حصارا: حصار
(١٧ - ١٩) هذا. . . الرقاب: بالهامش