للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعند ذلك قوى العزم المخذول، على الركوب والدخول، لما كان فى قلوبهم من نوبة شقحب من الدجول. ورسم لصاحب ماردين بجرّ المناجيق (٣) إلى شطّ الفراه، وبجرّ عساكره بنفسه من وراه. وكان صاحب سيس، النجس الخسيس، قد جهّز الأخشاب والحواصل، وحمّل البغال والمسامير والسلاسل. وركب الملك خدابنداه من الأردوا طالبا للفراه، وجيوشه قد طبّقت الأرض من قدّامه ووراه، ومماليك قراسنقر يلعبون قدّامه بالنار، وقد علا الدخان وزاد القتار، وضرب قدّامه الزمر والطار. هذا وقد أظلّتهم الظلمة والوحشة، وقد أخذتهم الحيرة والدهشة، ومسلمين البلاد تدعو عليهم بالخذلان، ويلعنوا قراسنقر ورفقته سرّا وإعلان

فاجتمع قراسنقر بالأفرم فى ذلك الوقت وقال له: يامير جمال الدين، ترى نحن فى اليقظة (١١) أو فى الأحلام؟ قد عدنا فى جيوش الكفر بعد جيوش الإسلام، وما كفانا حتى نكون (١٢) السبب فى تجهيز أمّة الكفر إلى أمّة النبىّ عليه السلام، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم، -قال، وبكيا جميعا. وقال الأفرم: أو يخذلهم الله تعالى ونرجع مكسورين؟ والله يعلم أنّ نحن على ذلك مجبورين

قال الناقل: وحضر عسكر الكرج، وصاحب سيس، والتقاهم الملك الصالح صاحب ماردين بالإقامات والعلوفات، ورتّب ذلك فى ساير المنازل. وقدّم للملك خدابنداه تقادم عظيمة من صلب ماله. ثمّ إنّه تحدّث مع الملك خدابنداه بمسمع من قراسنقر وقال: قد جانى قاصد من مصر، وعرّفنى أنّ صاحب مصر دخل من الصيد وطلع القلعة ونفق فى


(٣) المناجيق: المناجنيق
(١١) اليقظة: اليقصه
(١٢) نكون: نكون كنا