مكسور، بشارب مذلول، وقد رجع بالذلّ والهوان، من هيبة مولانا السلطان. والأسعار فقد غلت، والأثمان فى ساير الأصناف قد علت، والبلاد التى بيقصدها مولانا السلطان فبلاد إسلام، وليس عليهم ملام، بما فعاوه التتار الليام. ومولانا السلطان فقد جعله الله تعالى غيثا للبلاد، ورحمة على العباد، ولا يأخذ أهل المدن من المسلمين، بما فعلوه التتار الجاهلين.
وعساكر مولانا السلطان فهوج عظيم، وعالم جسيم، وحيث حلّوا كسروا، وأين داسوا دثروا، وسعة صدر مولانا السلطان يسع من جهل، وكفى بالعدوّ المخذول، وقد عاد وهو خايب الأمل
فرجع نصره الله إلى مقالهم، ولم يخيّب قصدهم وآمالهم. ثمّ برز المرسوم بالدستور إلى الديار المصريّة، وقد شكر الله تعالى له هذه المساعى المرضية.
ثمّ توجّه الركاب الشريف طالبا لديار مصر، وقد حفّته الملايكة المقرّبون بالنصر. فكان دخوله إلى محلّ ملكه، وساير الأمرا المصريّين منتظمون فى سلكه، <ثانى عشر> (١٣) من شهر صفر المبارك، والسعد قرينه، والتوفيق له مشارك
ولمّا استقرّ ركابه الشريف، بالقصر العالى المنيف، كان قد بدا من الأمير عزّ الدين أيبك الرومىّ والأمير سيف الدين بينجار ما أوجب تغيّر الخواطر الشريفة عليهما. فمسكهما وأودعهما الاعتقال، وبطل القيل والقال. ثم اشتغل-أيّده الله بالقرآن-فى تشييد عدّة أماكن بالبنيان، إلى ما يذكر بعد ذلك من البيان
(١٣) مكان تأريخ النهار بياض فى الأصل، أضيف من زت ١٦٠ الذى يذكر رجوع السلطان فى سنة ٧١٣