للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحروسة الساعة الأولة من يوم الخميس سابع عشرين المحرّم. وخرج إلى ملتقى ركابه الشريف ساير من كان بدمشق من الجيوش المصريّة والشأمية إلى الجسورة. واصطفّوا صفوف، ألوف ألوف (٣)، وعادوا يقبّلون الأرض عدّة مرار، الكبار من الأمرا والصغار، فكانت ساعة تذهل فيها العقول، وتقصر عنها النقول. ثمّ عاد البسط من قصر حجّاج إلى الميدان بإمكان، وأىّ إمكان! وكان قد تقدّم ببشارة سلامة ركابه الشريف الأمير سيف الدين قجليس السلحدار. وكان عند الناس أعظم من يوم عيد ذلك النهار. ولمّا استقرّ ركاب مولانا السلطان بالقصر الأبلق المطلّ على الميدان، خرجت الخلع والإنعامات والهدايا والأرمغانات.

وفرّق الحجورة الحجازيّة على جميع الأمرا المصريّة والشأميّة، وكذلك هدايا الحجاز الشريف، من كلّ صنف لطيف، وقدره شريف

وضرب مشورا على أنّه يسوق إلى حلب، ثمّ يعدّى الفراة ويدوس البلاد، ويجمع بين الحجّ والغزاة، ويؤدّى (١٣) الفريضتين، ويفعل فوق ما فعله الملك الظاهر بالبلستين. وقوى العزم الشريف على ذلك، فى دوس تلك الممالك والمسالك. وبرز المرسوم الشريف للأمير سيف الدين آقول الحاجب بأن يركب يتوجّه لطرد الجيوش الإسلاميّة والعساكر المحمديّة من الأماكن التى هم بها متفرّقون من المغربين والمشرقين، وطرد الخيول من الدشار، وسوق العساكر من تلك الديار. ثمّ إنّ الموالى الأمرا قبّلوا الأرض بين يدى المواقف الشريفة السلطانيّة، وأثنوا عزمه الشريف عن تلك النيّة، وقالوا: يحفظ الله مولانا السلطان، قد حضر الركاب الشريف من الحجاز تعبان، والعدوّ المخذول فقد عاد


(٣) ألوف ألوف: اللوف اللوف
(١٣) يؤدى: يدى