ما عندك؟ فأخبره ما جرى على المسلمين، فقال: ما سمعت رجلا حضر أمرا فحدّث الناس عنه كان أثبت خبرا من عبد الله بن يزيد.
ورأى عمر جزع النّاس من فرارهم، فقال: معاشر المسلمين «إذا لقيتم»(١)، يعنى إلى قوله تعالى:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ»}(٢)، فكان يطيّب قلوب النّاس بقوله.
وكان ذلك الجيش أوّل جيش هزمته فارس من المسلمين، فأقام (١٤٨) عمر مدّة لا يذكر العراق، ثم جاءته قبائل العرب يطلبون الجهاد واللّحاق بالشّام، فحرّضهم على قتال فارس والمسير إلى العراق، وأخبر بما قتل من جند المسلمين بها، فأجابوه بعد أن أبطأوأ، وأمّر على كلّ قبيلة رجلا منهم، وأمّر على بجيلة جرير ابن عبد الله.
فساروا حتّى إذا كانوا قريبا من المثنّى بن حارثة كتب إليه أن أقبل إلىّ فإنّما أنت مدد لى، فكتب إليه جرير: لست فاعلا ذلك إلاّ أن يأمرنى أمير المؤمنين، وأنت أمير وأنا أمير، ثم ساروا نحو الجسر فلقيه مهران بن ياذان، وهو عظيم من عظماء الفرس عند النجيلة، فاقتتلوا وقتل مهران، وكوتب عمر رضى الله عنه باختلاف المثنّى وجرير، فكتب عمر إلى المثنّى: إنّى لم أكن لأستعملك على رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد وجهت سعد بن أبى وقّاص إلى العراق وأمرتكما بالسّمع والطّاعة له.
وشنّ المسلمون الغارات على السّواد، وتحصّن الدّهاقين فى الحصون، وبعثوا إلى المدائن يستغيثون بأهل فارس، وملكهم يومئذ بوران بنت شيرين ابنة كسرى