الذى قتل أبوه وكان صبيّا، وجاءت الأعاجم فى ثلاثة صفوف، ومع كلّ صفّ فيل، ولفرسانهم رجل كرجل الرعد، فقال المثنّى: يا معشر المسلمين، إنّ هذه الأصوات منهم فشل، فالزموا الصّمت.
ثم حملت الأعاجم على المسلمين فثبتوا، ثم حملوا عليهم ثانية فثبتوا، فلمّا كانت الحملة الثالثة انتقضت صفوف المسلمين، ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وصرف الله وجوه أهل الكفر، فهزموا إلى شاطئ الفرات، وعبر أهل القوّة منهم الجسر فقطعوه، لئلا يلحقهم المسلمون، فاقتحم رجل من المسلمين الفرات وهو يقرأ: {وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ (١٤٩) إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ»} الآية (١)، وتبعه النّاس، فما فقد منهم عقال، إلاّ وقد صاح رجل انقطع من سرجه، فدار فوق الماء إلى أن أخذ وسلم، وحصل من الكسب والأموال والأسلاب ما لا يحصى كثرة.
ثم سار المسلمون إلى بغداد ومرّوا على الأنبار فتحصّن صاحبها، فأرسل إليه:
ما يمنعك أن تنزل إلينا ونؤمّنك على قريتك؟ فنزل، فطلبوا منه أن يبعث إليهم دليلا إلى بغداد، ليكون العبور منها إلى مدائن كسرى، ففعل، وسيّر معهم الأدلاّء، فسار بهم، فصبحوا القوم فى أسواقهم، فقتلوا وسبوا، وأخذوا الأموال، وغنموا غنائم عظيمة.