وأثنوا عليه بخير. وأمر بفتح الخزائن وفرّق ما فيها من الأموال على الخاصّ والعامّ. وتمكّنت منه رائحة الصبا فملّك على البلاد رجلا من أهل بيته يقال له: اطغين، وهو الذي يسمّونه أهل الأثر: العزيز. وكان من أولاد الوزراء، عاقلا أديبا لبيبا، حسن الرأي كثير النزاهة، مستعمل للعدل والعمارة. وأمر أن ينصّب في قصر الملك سريرا من فضّة ويجلس عليه ويغدو أو يروح إلى باب الملك ويخرج إلى أعماله. وجمع الوزراء والكتّاب بين يديه. فكفا نهراوس جميع أموره وخلا بنفسه، لما هو فيه من لذّته، وعاد معتكفا (١٣٠) على لهوه منعّما في لذّاته، لا ينظر في شيء من أمور ملكه. فأقام كذلك حينا من الدهر والبلد عامر كثير الخير، بحسن تدبير العزيز.
وقيل: إنّه انتهى الخراج في وقته: تسع وتسعون ألف ألف ألف دينار، فجعلها. فما كان له ولأهل بيته ومائدته حمل إليه، وما كان في أرزاق جيوشه والكهنة والفلاسفة وأصحاب الجوامك صرف إليهم، ومهما فضل أرصد لمصالح الأراضي ونوائب الزمان.