وبنا لنهراوس مجالس الزجاج الملوّن وجرّوا حولها الماء يدور، وأرسلت فيه الأسماك من أنواع الجواهر والبلّور. وكان إذا وقع الشمس عليها أرسلت من شعاعها نورا يخطف بالأبصار. وعملت له ثلاثمائة وستّين مجلسا متنزّها بعدد أيّام السنة، كلّ مجلس لا يشبه الآخر، مكمّل بسائر فروشه والالاته وأوانيه، من حوله بستان قد جمع سائر أصناف الفواكه وسائر الأطيار المطربة. فكان ينتقل كلّ يوم في مجلس منهم، إلاّ أوّل السنة يعود لأوّل مجلس.
فلمّا اتّصل ذلك بملوك النواحي واشتغاله بما ذكرناه، قصده رجل من العمالقة يقال له: علكن بن شموم؛ وكان يكنا أبا قابوس. فسار قاصدا إلى مصر في جيوش كثيفة حتّى نزل على حدودها. فأنفذ إليه العزيز جيشا وجعل عليه قائدا يقال له: فوناس. فأقام يحاربه ثلاث سنين. فظفر العمليقيّ به فقتله ودخل مصر وهدم أعمالها وأعلامها ومصانع كثيرة.
وتمكّن طمعه في ملك مصر واتّصل خبره بأهل البلد فأعظموه وأكبروه واجتمعوا إلى قصر الملك وجعلوا يصيحون، فسمعهم، فسأل عن خبرهم، فأخبروه بخبر العمليقيّ وما فعله.